الزوج المخادع والزوجة المضحية.. قصة ستذهلكم من الزمن القديم! الجزء4

بعد رحلة مليئة بالخداع والتضحية، وبعد أن عشنا معكم تفاصيل الزوج المخادع عاصم، والزوجة المضحية عائشة،ومررنا بالجزء الأول ،الثاني والثالث، وصلنا الآن إلى الجزء الأخير من حكايتنا...

الجزء الرابع… اللحظة الحاسمة!

ماذا حدث بعد سقوط القارورة؟

هل كانت النهاية مأساوية أم معجزة ربانية؟

وهل تاب عاصم بعد أن فضحه الله على يد فأر صغير؟

تخيل أن عدوك الذي طالما احتقرته... يصبح هو من ينقذك من الضياع.

وتخيل أن فأراً ضعيفاً... يُكشف به ظلمك ويُنقذ بريئاً من الهلاك!

هذه ليست مجرد قصة، بل رسالة خفية عن عدل السماء، ورحمة الله التي تأتيك من حيث لا تحتسب.

هيّا نكمل معاً آخر فصول هذه الحكاية المؤثرة…

الزوج المخادع والزوجة المضحية.. قصة ستذهلكم من الزمن القديم! الجزء3

شراء المتجر

في اليوم التالي، اشترى خالد متجرًا ونقل إليه الأدوات الطبية التي ورثها عن أبيه، وبدأ بصناعة العقاقير مستفيدًا مما تعلمه من الكتب. وخلال أشهر قليلة، تمكن من تحقيق أرباح كافية ليعيد إلى عائشة كل المال الذي وهبته له. أما جارهم عاصم، فقد تدهورت تجارته تدريجيًا حتى أفلس تمامًا، واضطر إلى بيع بضاعته بأبخس الأثمان. ثم بدأ يبيع أثاث منزله ليتمكن من العيش. عندها ناشدته زوجته قائلة: "اذهب إلى جارك خالد، واطلب منه قرضًا، فأنا لست حملًا لهذا الحال، ولا أتحمل هذا الفقر!". لكن عاصمًا رفض بعناد قائلًا: "أفضل الموت جوعًا على أن أطلب المساعدة من ذلك المتشرد!". وفي النهاية، غادرت زوجته المنزل حاملة ابنها وعادت إلى بيت أهلها.

لم يمض وقت طويل حتى طارده الدائنون، مضطرًا لبيع منزله. ومن المفارقات أن خالد نفسه هو من اشتراه! وهكذا وجد عاصم نفسه بلا مأوى، يتنقل بين منازل معارفه حتى سئموا منه وطردوه. ذات يوم، وبينما كان خالد يتجول في السوق، رأى رجلًا رث الثياب بلحية طويلة يمد يده طلبًا للصدقة. وعندما اقترب منه، أدرك أنه عاصم! تقدم خالد منه وقال: "والآن، من منا الجائع العريان؟ كنت تنهال علي بالشتائم وكلمات الإحقار كلما رأيتني نائمًا في الشارع، وكنت أدعو الله دائمًا حتى استجاب دعائي وجبر خاطري. أما أنت فلم تتعلم شيئًا مما حدث لزوج عائشة، حتى جاء دورك!". نظر عاصم إليه بحزن وقال: "هل جئت هنا لتشمت بي؟". رد خالد: "لساني لا يعرف الشماتة! تعال معي، سأعيدك إلى منزلك وأمنحك عملًا شريفًا!". بكى عاصم بحرقة وقال: "يبدو أن عائشة كانت محقة حين ما نادتك بالسيد!".

الحقد مستمر..

وبعد شهر، تحسنت أحوال عاصم، واستعاد زوجته وابنه، وتاب عن الإساءة لجيرانه. لكنه ظل صامتًا يعمل طوال النهار ويعود إلى منزله لينام دون أن يتفوه بكلمة واحدة إلا للضرورة. وذات مساء، سألته زوجته: "صمتك يثير قلقي! أعرفك جيدًا، فأنت لا تصمت إلا إذا كنت تخطط لشيء ما!". فصاح بغضب: "أترضين أن نظل خدمًا لخالد؟ أفكر في استعادة تجارتي ومنزلي، لكن المال الذي ادخرته لا يكفي!". حذرته زوجته قائلة: "إياك أن تورطني في الجوع مجددًا، فلن أستحمل حماقتك هذه المرة أيضًا!". لكنه لم يرد وانصرف غاضبًا.


مرت الأيام، وظل عاصم يخطط سرًا لاستعادة ثروته بأي وسيلة.

وفي تلك الأثناء، انتشرت في المدينة أخبار عن مرض ابنة الملك، التي عجز الأطباء عن علاجها.

كان خالد قد أتقن صناعة العقاقير، فقرر تحضير مزيج من الأعشاب، وقال في نفسه:

"الدواء الذي أنا بصدد تركيبه، إن لم يشف ابنة الملك، فسيخفف من آلامها ويجعلها تنام بإذن الله!"

ثم التفت الى عاصم قائلا:

"احضر لي قارورة نظيفة لأضع فيها الدواء"

ذهب عاصم الى المخزن، ولكنه دس السم في القارورة بخبث، وقال في نفسه:

"عندما تموت ابنة الملك، سيلقى القبض على خالد، وسأستعيد كل ما فقدته"

الفأر ينقذ خالد

في المساء، اصطحب خالد القارورة معه الى البيت، ووضعها على الطاولة، ثم دخل الى غرفته لينام.

ولكن في منتصف الليل، خرج نفس الفأر من جحره، وتوجه نحو القارورة بحذر، فدفعها حتى سقطت، وشرب المحلول الذي انسكب منها، فمات مكانه!

في صباح اليوم التالي، ولما استيقظ خالد، وجد الفأر صريعا، ويظهر عليه انه شرب من محتوى القارورة.

فأدرك خالد ان القارورة كانت تحتوي على سم، فحمد الله وقال:

"لولا ان الله ارسل الي هذا الفأر ليظهر لي السم، لتورطت في مشكلة لا حل لها مع الملك!"

ثم اعاد تركيب الدواء من جديد، وتوجه به الى قصر الملك.

عند وصوله، كان الملك واقفا بجانب سرير ابنته، ينظر اليها بقلق.

تقدم خالد، وسقى الاميرة بضع قطرات من المزيج.

ولم تمض سوى دقائق حتى فتحت عينيها ببطء، وتمتمت بصوت ضعيف: "ابي..."

ذهل الجميع! وسرعان ما بدا لون وجهها يتحسن، وتمكنت من الجلوس بعد ساعات قليلة.

وسط فرح عارم في القصر، وقف خالد مذهولا يطالع القارورة، ويقول في نفسه:

"هذه التركيبة التي صنعتها لا تعطي مفعولها الا بعد يوم كامل وجرعات متكررة! سبحان الله!"

ثم حمد الله وشكره على توفيقه.

في هذه الاثناء، كان عاصم ينتظر بفارغ الصبر سماع نبأ وفاة الاميرة،

ولكنه تفاجأ بقرع الطبول واعلان شفائها في انحاء المدينة!

فشعر بالقلق، وتساءل: "ماذا حدث؟ كيف لم تمت؟!"

في اليوم التالي، استدعاه خالد الى المتجر، وسأله بصوت هادئ:

"ألم تكن انت من جلب القارورة ليلة امس؟"

تلعثم عاصم واجاب: "نعم... لم تسأل؟"

ابتسم خالد بحكمة وقال:

"لقد تغير لون الدواء الذي ركبته امس في القارورة، وكان فيه مادة غريبة! فاضطررت الى اعادة تركيبه من جديد.

هل لاحظت اي شيء غريب فيها عندما جلبتها؟"

شحب وجه عاصم، وبدا كأنه على وشك الانهيار،

ولكنه حاول تمالك نفسه وقال: "ربما كانت القارورة ملوثة، او سقط فيها شيء ما!"

لم يرد خالد مواجهته مباشرة، فقال بنبرة هادئة:

"سبحان الله! حتى الفئران احيانا تكون ارحم من بعض البشر!"

في تلك الليلة، لم يستطع عاصم النوم.

كانت كلمات خالد تطن في اذنيه، وشعر بالخزي يملأ قلبه.

فكر في كل افعاله السابقة، وكيف جلبت عليه الشقاء،

واخيرا ادرك ان طمعه كان سبب هلاكه!

في اليوم التالي، جاء الى خالد، واعترف بكل شيء، وخر عند قدميه يطلب السماح.

تنهد خالد وقال:

"الله غفور رحيم، ولكن ان كنت صادقا في توبتك، فعليك ان تعوض عن خطاياك!

والى ان اتأكد من ذلك، فستبقى تشتغل معي، ولكن سأجعل لك متجرا بمعزل عن عقاقيري. وسأمدك ببضاعة حتى تبدأ تجارتك من جديد!"

ومنذ ذلك اليوم، تغير عاصم حقا، وصار مخلصا في عمله.

اما خالد، فقد سعد في تطوير متجره، حتى اصبح من اكبر تجار العقاقير في المدينة،

وصار الطبيب الاول في البلاط الملكي، ونال من الملك مكافآت عظيمة.

ولكن اكثر ما اسعده هو انه لم يرد محتاجا، ولم يحقد على من اساء اليه!

والامر العجيب ان خالدا، عند رجوعه الى بيته، لم يجد الحفرة التي كان يخرج منها ذلك الفأر،

كأنها لم تكن قط! فأدرك خالد ان الفأر:

* بعث ليهديه الذهب في المرة الاولى

* ثم ليمنعه من مصيبة الدواء المسموم في المرة الثانية

* ثم اختفى كملك أدى رسالته

وهكذا انتهت حكايتنا وأتمنى أن تكون قد نالت إعجابكم.

فتذكروا دائما ان الرزق بيد الله، وان الصبر والشكر يجلبان الخير دائما!

وهكذا، طوى الزمان صفحة من صفحات الألم والخيانة، وفتح أبواباً للصفح والإصلاح.

تعلم عاصم أن المال لا يدوم، وأن الطمع يهلك صاحبه، وأن كرامة الإنسان ليست في كبريائه، بل في توبته.

أما خالد، فقد بقي كما هو... قلبه لا يعرف الكره، ولسانه لا يعرف الشماتة،

وكان يردد في نفسه:

"ما دام الله يراك، فلا تهتم بمن يحتقرك، فإن الإنصاف يأتي من السماء في الوقت المناسب".

فلا تحتقر أحداً، ولا تتكبر على من هو دونك اليوم،

فربما يكون هو سبب نجاتك غداً.

الخاتمة

وهكذا... طُويت آخر صفحة من حكايتنا.

حكاية رجل طرده الناس فاحتضنه القدر، ورجل طرد الخير من قلبه فخاب وسقط.

حكاية بدأت بالاحتقار... وانتهت بالعفو الغفران.

من كان يُحتقر بالأمس، صار سيّدًا اليوم.

ومن كان يتعالى، سقط صاغرًا يبحث عن رحمة من ظلمه ذات يوم!

لكن أجمل ما في هذه القصة، أن الرحمة لم تغب، والقلوب تغيّرت، والأقدار قالت كلمتها.

فخالد لم ينتقم... بل مد يده لمن خانه.

وعاصم لم يهلك... بل وجد فرصة ثانية، فهل اغتنمها؟

أما الفأر... ذاك المخلوق الصغير الذي مرّ مرور الكرام، فقد كان بطلًا خفيًا...

بعثه الله في وقت الشدة، واختفى بعدما أتم مهمته، وكأن السماء كانت تراقب المشهد من البداية!

وهنا، نتعلم أن الله لا ينسى... ولا يُهمل.

فكل مظلوم له ناصر،

وكل خائن له ساعة تنكشف،

وكل طيّب له باب يُفتح مهما أُوصدت الأبواب!

فاصبروا، وازرعوا الخير، فإن لم تثمر اليوم... فغدًا، سيُدهشكم الحصاد.

دمتم بخير... وموعدنا مع حكاية جديدة!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تابعونا على قناة حكايات عدنان لمشاهدة القصة الكاملة :


تعليقات